دروس عامة

درس ضمير الشأن في اللغة العربية

درس ضمير الشأن في اللغة العربية

Img 20220927 194142 496
Img 20220927 194142 496

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ضمير الشأن 

من عادة العرب أنهم قد يقدمون على الجملة ضميرا تفسره الجملة، بعده يسمى ضمير الشأن، ويسميه الكوفيون ضمير المجهول، وذلك في مواضع التفخيم والتعظيم يقولون: (هو زيد منطلق) ومعنى: (هو): (زيد منطلق) أي معنى الضمير هو معنى الجملة فيكون المعنى هكذا: الشأن زيد منطلق، أو الأمر زيد منطلق: ويعني بالأمر ما بعده.

جاء في (شرح التصريح):
والجملة أما نفس المبتدأ في المعنى، فلا تحتاج لرابط يربطها بالمبتدأ .. نحو: (هو الله أحد) إذا قدر (هو) ضمير شأن، فهو مبتدأ (والله أحد) جملة خبره، وهي عينه في المعنى لأنها مفسرة له، والمفسر عين المفسر أي: الشأن الله أحد. ولا يكون ضمير الشأن لحاضر، وإنما يكون ضمير غيبة مفسرا بجملة بعده خبرية مصرح بجزءيها، فإن كان بلفظ التذكير، سمي ضمير الشأن، وإن كان بلفظ التأنيث، سمي ضمير القصة وقد يسمى بهما. (1)

ولا يكون ذلك إلا في مواضع التفخيم، جاء في (شرح المفصل)، اعلم أنهم إذا أرادوا ذكر جملة من الجمل الإسمية، أو الفعلية فقد يقدمون قبلها ضميرا يكون كناية عن تلك الجملة، وتكون الجملة خبرا عن ذلك الضمير، وتفسيرا له ويوحدون الضمير لأنهم يريدون الأمر والحديث، لأن كل جملة شأن وحديث، ولا يفعلون ذلك إلا في مواضع التفخيم والتعظيم، وذلك قولك (هو زيد قائم) فهو ضمير لم يتقدمه ظاهر، إنما هو ضمير الشأن والحديث، وفسره ما بعده من الخبر وهو (زيد قائم) ولم يأت في هذه الجملة بعائد إلى المبتدأ، لأنها هو في المعنى ولذلك كانت مفسرة له، ويسميه الكوفيون الضمير المجهول، لأنه لم يتقدمه ما يعود إليه ..

ويجيء هذا الضمير مع العوامل الداخلة على المبتدأ والخبر نحو إن وأخواتها وظن وأخواتها، وكان وأخواتها، وتعمل فيه هذه العوامل .. تقول إنه زيد ذاهب، فالهاء ضمير الأمر و (زيد ذاهب) في مواضع خبر الأمر. (1)
وجاء في (شرح الرضى على الكافية): ويتقدم قبل الجملة ضمير غائب يسمى ضمير الشأن، يفسر بالجملة بعده، ويكون منفصلا، ومتصلا مستترا، وبارزا على حسب العوامل .. والمراد بهذا الضمير، الشأن والقصة، فيلزمه الأفراد والغيبة كالمعود إليه، أما مذكرا، وهو الأغلب، أو مؤنثا كما يجيء، وهذا الضمير كأنه راجع في الحقيقة إلى المسؤول عنه بسؤال مقدر تقول مثلا:
(هو الأمير مقبل) كأنه سمع ضوضاء وجلبة فاستبهم الأمر فيسأل ما الشأن والقصة؟ فقلت: (هو الأمير مقبل). أي الشأن هذا.

والقصد بهذا الإبهام، ثم التفسير، تعظيم الأمر وتفخيم الشأن، فعلى هذا لابد أن يكون مضمون الجملة المفسرة شيئا عظيما يعتني به، فلا يقال مثلا: هو الذباب يطير (2).
وجاء في الطراز: إن ضمير الشأن والقصة على اختلاف أحواله، إنما يريد على جهة المبالغة في تعظيم تلك القصة، وتفخيم شأنها، وتحصيل البلاغة فيه، من جهة أضماره أولا وتفسيره ثانيا، لأن الشيء إذا كان مبهما فالنفوس متطلعة إلى فهمه ولها تشوق إليه (3).
فهناك فرق في المعنى بين قولنا: زيد منطلق، وزيد هو منطلق، وهو زيد منطلق، فالجملة الأولى أخبار أولي، والثانية فيها معنى التخصيص، وليس في الثالثة معنى التخصيص، وإنما فيها معنى التفخيم والتعظيم.

المصدر

(1) شرح المفصل لابن يعيش 3/ 114
(2) شرح الرضي على الكافية 2/ 27
(3) الطراز 2/ 142، وانظر 2/ 78، شرح الرضي على الكافية 76، ودلائل الإعجاز 102، البرهان 2/ 410

زر الذهاب إلى الأعلى