المقالات العامة

لماذا لا يمكننا القسمة على صفر؟

لماذا لا يمكننا القسمة على صفر؟

لماذا لا يمكننا القسمة على صفر؟

لماذا لا يمكننا القسمة على صفر؟

لا يمكننا القسمة على صفر؟
لا يمكننا القسمة على صفر؟

اجيب على هذا السؤال، لان الاجوبة الأخرى هنا مليئة بالأخطاء و عدم الدقة، رغم بساطة السؤال…

عندما نعرف عملية حسابية، فإننا يجب أن نعرفها على مجموعة معينة من الاعداد، اي اننا عندما نقسم التفاحة، اولا نتفق على اصدقائق الذين نريد تقسيم التفاحة عليهم. من دون تحديد اصدقائق هؤلاء، عملية القسمة اصلا تصبح بلى معنى.

لذلك، في الرياضيات، هناك شيئ اسمه، مجموعة الاعداد الحقيقية. لاحظ ان كلمة عدد، و حقيقية، هنا ليستا بلا سبب.

اللانهائية، هي كائن رياضياتي، و ليست عدد عادي، و بالتالي، اللانهائية ليست جزء من مجموعة الاعداد الحقيقية بالتعريف.

هناك ما يسمى مجموعة الاعداد الحقيقية الموسعة، و هي بالتعريف تضم اللانهاية تلك.

الان، عودة لسؤالك، عادة، في المراحل الدراسية الأولى، يتم تعليمك فقط ضمن/على مجموعة الاعداد الحقيقية، الغير موسعة، كونك لم تدرس اللانهاية بعد.

لذلك، كيف توزع تفاحة على صفر أصدقاء؟ ستلاحظ انه لا يوجد هنا معنى لكلمة “توزيع” اصلا، لذلك نقول ان القسمة على صفر غير ممكنة.

ولكن، ستتعلم لاحقا، ان العبارة السابقة غير صحيحة كليا، و الصحيح هو أن تقول “لا يمكننا التقسيم على الصفر، ضمن مجموعة الاعداد الحقيقية”.

السبب، هو أنه ان استخدمنا بدل المجموعة السابقة، مجموعة الاعداد الحقيقية الموسعة، فإن التقسيم على صفر، يصبح له معنى، و ممكن! و لكن الى “حد ما”.

طبعا ستسأل كيف أن لم يكن لهذا معنى كما ذكرت منذ قليل. السبب هو أنه الاعداد الحقيقية، تمتلك ميزة خاصة، يمكن اثباتها رياضياتيا، و هي الاستمرارية، و هي بعبارة بسيطة، تعني انه ليس هناك فجوات في مستقيم الاعداد الحقيقية، اي بين اي عددين، يوجد عدد ثالث حتما.

الجميل، هو أنه ان ضممت اللانهاية، اي وسعت مجموعة الاعداد الحقيقية، فإن صفة الاستمرارية هذه ستظل قائمة. هذا يصعب فهمه، لان اللانهائية هي كائن رياضياتي لا يمكن تخيله، و لكن يمكن تعريفه رياضياتيا، و بالتالي هذا ممكن برهانه رياضياتيا.

ولكن مرة أخرى، لتحقيق الاستمرارية، يجب ضم ليس فقط اللانهاية، بل أيضا اللانهائيات في الصغر، هذه أيضا ليست بإعداد، و لها مشاكل كثيرة، إلى يومنا هذا يجادل بها ( اقرأ حول مفارقات زينو)، و لكنها معتمدة، لأنها توصف الطبيعة و الهندسة و الفيزياء بشكل ممتاز، كون ان الطبيعة بحد ذاتها “مستمرة”.

الخلاصة، انه ان قمنا باحتيال لا “متناهي البرائة” ، و هو أن نستبدل القسمة على الصفر، بالقسمة على شيئ لا متناهي الصغر، فإن النتيجة تكون لانهاية، و كون كلا النهايتين: في الصغر، و الكبر، من ضمن مجموعة الاعداد الحقيقية الموسوعة (كما ترى الان، رغم كلمة “الاعداد”، ليس كل شيئ فيها عدد فعلا)، فإن هذا التقسيم يصبح ممكن، الى حد ما، كون اننا “غشينا” قليلا، أو بالأصح غشينا بشكل لا متناهي الصغر.

كون النتيجة لا نهاية، و ليس شيئ اخر، يتم برهانه رياضياتيا (عادة تجده في كتب نظريات المجموعات، أو التحليل المتقدم)، و لكن السبب الرئيسي في ذلك، هو مرة أخرى خاصة الاستمرارية تلك. فطبعا عندما تقسم اي عدد (غير الصفر) على عدد اخر، سترى ان النتيجة تكبر و تكبر، كلما كان العدد الذي تقسم عليه أصغر و اصغر، و هكذا دواليك، حتى تصل إلى القسمة على شيئ لا متناهي الصغر، لنحصل، بسبب الاستمرارية، لانهاية.

طبعا سبب الحاجة إلى ذلك، كما ذكرت، هو وصف الطبيعة، و لكن، عندما حللها الرياضياتيون، وجدو ان هكذا توسيعات، تؤدي إلى نتائج مثيرة جدا للاهتمام، ستكتشفها لاحقا في دراستك، كما انها فتحت الباب للبحث عن “توسيعات” أخرى، و بالفعل مثلا اكتشفت أيضا الاعداد العقدية، التي لها خصائص مدهشة و مفيدة جدا، و غيرها الكثير من التوسيعات الثرية جدا بخصائها.

لذلك، في يومنا هذا، عندما نتعامل مع الحساب، عادة دائما نفترض اننا نحسب شيئ “مستمر”، لذلك التقسيم على صفر، يفهم منه فورا التقسيم على “شيئ لا متناهي الصغر”، و ليس الصفر بحد ذاته و بدقة مطلقة. و لكن طبعا، التقسيم على صفر بحد ذاته، مازال غير ممكن في اي “توسيعة” كانت، ببساطة لأنها بلى معنى، اي لا يمكن تعريفها، لأنها متناقضة ذاتيا.

زر الذهاب إلى الأعلى