دروس عامة

شرح المحسنات البديعية مراعاة النظير

شرح المحسنات البديعية مراعاة النظير

Img 20220927 194142 496 34
Img 20220927 194142 496 34

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المحسنات البديعية (مراعاة النظير )

مراعاة النظير ويسمى التناسب والتوفيق والائتلاف والتلفيق . وهو عند البلاغيين :
أن يجمع المتكلم بين أمرين متناسبين أو أمور متناسبة لا على جهة التضاد.

ومن مراعاة النظير بين أمرين قوله تعالى : (( وهو السميع البصير )) .
فإنّ ثمة تناسبا بين السمع والبصر ، من وجهة أن كلاً منهما فعل حاسة من الحواس الخمس . ويلحظ الذهن نوع تآلف وتقارب بين ( السميع ) و ( البصير ) لايحصل لو كان اللفظ الثاني ( الخبير ) مثلاً.
ومن مراعاة النظير بين أكثر من امرين قوله تعالى : (( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما رَبحت تجارتهم )).
فإنّ معنى ( اشتروا ) هنا ( اختاروا ) لكن مجيء معنى الاشتراء صبغ العبارة كلها بصبغته ، ومن ثم جاء بعد ذلك حديث الربح والتجارة ، مراعاةً للنظير (( الاشتراء )). وإذا وضعنا في الحسبان أن استعمال ألفاظ الاشتراء والربح هو هنا استعمالٌ مجازي مُجتلَب لاحقيقي تفرضه اللغة بمعانيها الدقيقة أدركنا الجمالية التي يحققها استخدام معانٍ تنتمي إلى بيئة واحد أو حرفة واحدة . فكأن لإبقاء الذهن في منطقةٍ واحدة من مناطق المفردات ، أو استخدام معجم الأشياء المتقاربة في الواقع ، أمرٌ محببٌ إلى النفس .
ويدخل في مراعاة النظير مايسميه بعضهم (تشابه الأطراف ) . وهو أن يختم المتكلم كلامه بما يناسب أوله في المعنى ، كما في قوله تعالى : (( لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)).
وجلي أنّ ( اللطيف ) يناسب كون البارئ- جلّ وعلا- غيرَ مدرك بالأبصار، وأن ( الخبير ) يناسب كونه مدركاً للأبصار، لأن إدراك الشيء يستلزم الخبرة به .
ويلحق بهذا المحسن مايسميه بعضهم ( إيهام التناسب ) . وهو لإيراد لفظين أو أكثر يكون لأحدهما معنيان : أحدهما غير مناسب لمعنى سابقه أو سابقاته ، لكنه المعنى المقصود في السياق ، والآخر مناسب لمعنى سابقه أو سابقاته ، لكنه غير مقصود في السياق . ومثاله المشهور قوله تعالى : (( الشمس والقمر بحسبان * والنجم الشجر يسجدان )) . فالنجم – هنا – النبات الذي ينجم أي يظهر من الأرض لا ساق له ، وهو المقابل للشجر الذي له ساق . لكن للنجم معنى آخر معروفاً ( الكوكب ).
وعلى هذا فأنت أمام صورتين لمراعاة النظير : الشمس والقمر وهما متناسبان ، والنجم والشجر وهما متناسبان أيصاً . لكن في ( النجم ) مع الشمس والقمر مراعاة للنظير لا من حيث معناه في هذا السياق ( النبات العديم الساق ) ، بل من حيث معناه غير المراد هنا ( الكوكب ) . ومن ثم يسمعون هذه الصورة ( إبهام التناسب ) ، لأنها توهم التناسب ولا تناسب .

جماليات مراعاة النظير:

أبرز عناصر هذه الجمالية هو الانسجام والتناسق والتناغم ، وهي أمور لايشك احد في انتمائها إلى الجمال وإيقاظها الحس الجمالي . ونحسب ايضاً أن هذا الفن البديعي يضفي على الكلام مظهراً من مظاهر القوة و المتانة ، فإن المعاني المتناسبة يعزز بعضها دلالة بعض وينميها ويشدّ أزرها . ويشي استخدام هذا الفن بقدرٍ عالٍ من الوعي واليقظة عند المنشئ ، الذي استطاع أن يأتي بكلامٍ تربط بين أجزائه شبكة معقدة من العلاقات.

ماالفرق بين مراعاة النظير والطباق ؟

الطباق : لابد له من تضاد
مراعاة النظير : بغير التضاد

إيهام التناسب

تعريفه
أن يكون اللفظ له معنيان أحدهما مراد والآخر غير مراد ويكون المعنى غير المراد هو الذي يتناسب مع الأمور التي ذكرت معه .

مثال :
قوله تعالى : ( والشمس والقمر بحسبان(5) والنجم والشجر يسجدان)

الشمس والقمر : بهما مراعاة نظير
والشمس والقمر والنجم : بهما إياهم تناسب
والمقصود بالنجم في الآية (النبات الذي لاساق له )
وعندما يرى القارئ الآية للمرة الأولى يتوهم أن المقصود بالنجم الذي في السماء , وهو في الأصل معناه مختلف .

زر الذهاب إلى الأعلى