اخبار العالم

سحابة جدة العملاقة أعلى من قمة إفرست مرتين

سحابة جدة العملاقة أعلى من قمة إفرست مرتين

جدة
جدة

كشف أستاذ المناخ بجامعة القصيم “سابقًا”، الدكتور عبدالله المسند، أن حالة جدة المطرية لم تكن حالة عادية، بل حالة فيضانية استثنائية تاريخية، واصفًا إياها بأن هناك بحرًا من المياه كان معلقًا في الهواء انهمر في مكان محدود وفي فترة زمنية قصيرة مصاحبًا لرطوبة عالية.

بلوغ الذروة

وأضاف المسند في سلسلة من التغريدات عبر حسابه بموقع “تويتر”، أن طبيعة أجواء حالة جدة المطرية تمثلت في أن سحب مفعمة بالرطوبة كالجبال، عُصرت حمولتها في غضون بضع ساعات في 24 نوفمبر 2022، حتى بلغت ذروتها على جنوبي جدة بحمولة قُدّرت بـ180 ملم، وهذا يعني أن الكمية التي تستقبلها جدة خلال 3 سنوات هطلت في جزء من نهار.

وأشار: “هذه الكمية الكبيرة -بل وأقل منها- تشكل فيضانات عارمة في المدن الكبيرة والعتيدة في كل العالم؛ فلا تستطيع (معظم) البنى التحتية استيعاب الجريان السطحي الغزير والسريع، (ووفقًا للبيانات المطرية المتوفرة عندي) لم تسجل السجلات المناخية منذ عام 1970 حتى العام الحالي 2022 كمية تفوق هذه الحادثة في جدة”.

44 4
44 4

وأوضح: “يشار إلى أن سحابة جدة العملاقة بلغت قمتها ارتفاعًا شاهقًا بل ونادرًا؛ حيث سجلت حوالي 18 كلم في السماء (أعلى من قمة إفرست مرتين)”.

مشهد مهيب مخيف

وتابع “مشهد مهيب مخيف، انخفضت فيه قمة درجة حرارة لأكثر من 50 درجة مئوية تحت الصفر بسبب الارتفاع الشاهق. كيف حدث هذا؟ في حالة جدة 22 تضافرت 5 عوامل جوية مثالية لبناء السحب العظيمة هي: “قبة حرارية جاثمة فوق جدة (جزيرة حرارية) تولدت بسبب حجم المدينة الكبير، وقوة رفع الكتل الرطبة السطحية إلى طبقات الجو العليا بسبب التقاء تيارين متعاكسين، وتوفر الرطوبة الجوية الكثيفة في طبقات الجو السطحية والعلوية، ونزول كتلة هوائية علوية باردة أدت إلى تكثيف الرطوبة، فتشكلت السحب الركامية، وفوارق حرارية رأسية عالية بين الطبقتين السطحية والعلوية”.

واستطرد: “من جهة أخرى، حوالي 50% من الأمطار الفيضانية في جدة حدثت في شهر نوفمبر، وعلى وجه التقريب كل 3 سنوات تتشكل حالة مطرية تبلغ 40 ملم فأكثر في جدة، وعليه أقول عندما تشير التوقعات إلى هطول أمطار تبلغ 30 ملم في غضون ساعتين أو أقل على جدة تحديدًا؛ هنا تتطلب الحالة الجوية المراقبة الدقيقة من الجهات ذات العلاقة، والاستعداد لهذه الكمية المؤثرة على (بعض) مجريات الحياة في جدة، أما أكثر من 30 ملم فالحالة تتطلب إجراءات أكثر، واحترازات أكبر”.

وأكد المسند أن قوة الجريان السطحي عقب الأمطار تختلف بناء على 5 عوامل هي (كثافة الأمطار، وطول فترة الأمطار، ونوع التربة، والتضاريس، ونوع وحجم العقبات في الأرض)، مشيرًا إلى أنه لا يمكن تحديد الكمية المطرية التي ستحدث فيضانًا أرضيًّا من غيرها، فالمسألة تتوقف على العوامل الـ5 السالفة، إضافة إلى آلية صرف السيول.

غزارة الأمطار

وأشار خبير الطقس إلى أن “المدن الكبيرة كجدة والرياض يتشكل عادة فوقها قبة هوائية حرارية تُدعى علميًا بالجزر الحرارية، تساهم في بناء السحب عموديًا إبان الحالة المطرية، وبشكل يفوق المواضع الجغرافية الأخرى، وهذا بالضرورة يساهم في قوة رفع الكتل الرطبة إلى الطبقات العليا الباردة للتكثف، وهذا يعمل على غزارة الأمطار”.

وأوضح أن هناك عاملًا آخر يساهم في غزارة الأمطار في السنوات الأخيرة، هو الاحترار العالمي؛ فكلما ارتفعت درجة حرارة الهواء درجة واحدة مئوية، زادت إمكانية الهواء في حمل رطوبة أكثر بنحو 7%.

نظرة للمستقبل

وأكد المسند أن هذا الاستقراء يدفعنا إلى التخطيط الحضري الجغرافي في المستقبل، فوفقًا لكميات كبيرة متوقعة من الأمطار قد تهطل في غضون ساعات قليلة مما ينتج عنه فيضانات عارمة، وربما خسائر فادحة لا قدر الله.

واختتم “المسند” تغريداته بالقول: “في المدن الكبيرة حوالى 55% من نسبة التهاطل تشكل جريانًا سطحيًا، و30% يتبخر، و15% تمتصه الأرض، والسبب في ذلك كثرة المباني والطرق المعبدة في المدينة؛ فهي لا تمتص الماء كسطح الأرض الطبيعي؛ لذا يتعاظم الفيضان في المدن الكبيرة أكثر من غيرها؛ في حين أنه في المناطق الصحراوية تُشكل 10% فقط من الأمطار الجريان السطحي، و40% يتبخر، و50% تمتصه الأرض.. هذا والله أعلم”.

زر الذهاب إلى الأعلى