دروس عامة

شرح الفعل الجامد والمتصرف في اللغة العربية

شرح الفعل الجامد والمتصرف في اللغة العربية

Img 20220927 194142 496 14
Img 20220927 194142 496 14

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 الفعل الجامد والمتصرف 

ينقسم الفعل – من حيث تعلق معناه بالزمان ، وعدمه – إلى قسمين : جامد ومشتق(1).

فأما الجامد فهو :
الذي يدل على معنى مجرد عن الزمان الذي يعتبر في دلالة الفعل ؛ فهو – حينئذ – يشبه الحرف في لزومه طريقة واحدة في التعبير ، وعدم قبوله التحول من صيغة الى صيغة اخرى ، وذلك نحو ” عسى ، ونحو هلم في لغة بني تميم خاصة(2) ” .

وأما المتصرف فهو :

ما يدل على الحدث مقترنا بزمان ؛ فيقبل لذلك التصرف من صيغة الى صيغة اخرى ؛ لاختلاف الازمنة التي تقع فيها الاحداث ، فيكون لكل زمن صيغة .

والجامد على ثلاثة أنواع ؛ الاول : ان يكون ملازما لصيغة الماضي ، نحو ” عسى ، وتبارك ، وليس ، ووهب ، ونعم ، وبئس ” ، وسائر أفعال المدح والذم ، والثاني : ان يلازم صيغة الأمر ، نحو ” هات ، وتعال (3) ، وهب ، وتعلم ، وهلم ” ، والثالث : ان يلازم صيغة المضارع ، نحو ” يهيط (4) ” .

والمتصرف نوعان ؛ الأول : ما يكون تام التصرف – بأن يجيء منه الماضي والمضارع والأمر جميعا – نحو ” نصر ينصر انصر ” ، وكل الافعال – الا النادر – من هذا النوع ، والثاني : ما يكون ناقص التصرف ، وهو ما يجيء منه اثنان من هذه الثلاثة ، و الموجود بالاستقراء من هذا النوع ضربان :

الأول : ما جاء منه الماضي والمضارع ، نحو ” كاد يكاد ، واوشك يوشك ، وما برح وما يبرح ، وما زال ، وما أنفك وما ينفك “.

الثاني : ما جاء منه المضارع والامر ، نحو ” يذر وذر ، ويدع ودع (5) “.

__________________________

(1) اذا تعلق مدلول الفعل بالزمان – والمعلوم ان الزمان مختلف ؛ فمنه الماضي ، ومنه الحاضر ، ومنه المستقبل – كان ذلك مدعاة الى اختلاف صورة؛ ليكون لكل زمن صورة تختص بالدلالة عليه ؛ فالسبب الداعي – حينئذ – الى اختلاف صيغ الفعل وتنويعه الى ماض ومضارع وأمر هو اخذ الزمان المختلف بطبعه في مفهومه ؛ فإذا لم يتعلق مدلول الفعل بالزمان لم يكن ثمة يلجئ الى تغير صوره .

(2) لو نظرت الى الترجي الذي يدل عليه ” عسى ” والى النفي الذي يدل عليه ” ليس ” والى المدح الذي يدل عليه ” حبذا ، و نعم ” والى الذم الذي يدل عليه ” بئس ” وجدت ان هذه المعاني لا تختلف باختلاف الازمنة ؛ فخرجت هذه الافعال عما هو الاصل والمألوف في دلالة الفعل على معناه ؛ لذلك لازمت الجمود . هذا ، واعلم ان ” هلم ” في لغة بني تميم فعل امر ، بدليل انهم يلحقون به الضمائر ، فيقولون : هلما وهلمي وهلموا ، وقد علمت ان هذه الضمائر علامة الفعلية ، وهو – عند الحجازيين – اسم فعل امر ، ولا يلحقون به الضمائر ، وبلغتهم نزل القرآن ، قال الله تعالى (6-150) : (هلم شهداءكم )

(3) ذهب الزمخشري الى أن ” هات ، وتعال ” من اسماء الافعال ، وهو محجوج باتصالهما بالضمائر التي لا تدخل الا على الافعال ، قال الله تعالى (21-24) : (قل هاتوا برهانكم ) وقال (6-151) : (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم ) وقال (33-28) (فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ) وقال امرؤ القيس :

إذا قلت هاتي نوالني تمايلت على هضيم الكشح ريا المخلخل

(4) يهيط : يصيح ، ويضج تقول : ” ما زال يهيط : هيطأ ، وهياطا ” اي : مازال في ضجاج وصياح وشر ، ونقل المرتضى عن ابن القطاع انه مضارع لا ماضي له .

ومن الافعال التي لازمت صيغة الماضي ” قل ” اذا قصد بها النفي المحض ، ويكثر اتصال ” ما ” الزائدة الكافة بها حينئذ ؛ فلا يليها الا فعل نحو ” قلما ينجح المتواني ” ولا يليها الاسم الا في ضرورة الشعر ، ومثل ” قلما “في جميع ذلك قولهم : ” طالما ، وكثر ما ، وشد ما ، وقصر ما “

(5) قال الله تعالى (3-179) : ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه ) وقال (74-11) : (ذرني ومن خلقت وحيدا) وقال الشاعر :

ودع عنك نهبا صيح في حجراته ولكن حديثا ما حديث القواعل

واعلم ان اكثر العلماء على ان الماضي من ” يدع ويذر ” متروك في العربية ، ومنهم من يذكر لهما ماضيا – و قد ذكرنا ماضيهما في مباحث المثال – وعليه فيكون هذان الفعلان من النوع الاول ، وهو تام التصريف ، وقد قرئ في قوله تعالى (93-3) : (ما ودعك ربك وما قلى ) بالتخفيف .

……………

المؤلف : محمد محي الدين عبد الحميد
الكتاب أو المصدر : دروس في التصريف
الصفحة : ص206- 208

زر الذهاب إلى الأعلى